لاهاي
ـ نورالدين الفريضي
أكد
رئيس المحكمة الخاصة بلبنان جاهزية المحكمة، حيث تنتظر نتائج عمل المحققين
وقرارات الاتهام التي قد يصدرها المدعي العام. وقال انطونيو كاسيزي في
"لقاء خاص" مع قناة "العربية" إن طواقم المحكمة بدأت عملها من نقطة الصفر
قبل نحو عام. وتوصلت إلى وضع البنية التحتية اللوجستية والقانونية وأصبحت
جاهزة للانتقال إلى مرحلة المحاكمة.
ويعدّ اللقاء هو الأول الذي يجريه انطونيو كاسيزي مع قناة تلفزيونية. وكان
كاسيزي شغل منصب أول رئيس لمحكمة الجزاء الدولية حول يوغسلافيا السابقة بين
1993 و1997 ثم ترأس الغرفة التمهيدية حتى عام 2000. كما ترأس لجنة التحقيق
الدولية في شأن انتهاكات حقوق الانسان في دارفور في 2004. ويتولى منذ 2009
رئاسة المحكمة الخاصة بلبنان.
وتحدث إلى "العربية" عن الصعوبات المتصلة بطبيعة المحكمة، حيث تعد الهيئة
القضائية الدولية الأولى التي تحاكم جرائم الارهاب. وأوضح أن قواعد القانون
الجنائي تقتضي بعدم اعتقال المتهم خلال المحاكمة وأن الدول ملزمة بتنفيذ
القرارات التي تصدرها المحكمة.
|
نصّ الحوار * ماذا أنجزت المحكمة منذ إنشائها في مارس 2009؟
- أعتقد بشكل عام أننا أنجزنا الكثير. وحتى أقرب الصورة وتكون واضحة للفهم. عليك أن تتصور وضع شاب لبناني عيّن قاضياً، فهو يتجه إلى مكتبه فيجده جميلاً حيث قاعة المحكمة ووزارة العدل والموارد المالية، اي كل البنى التحتية متوافرة، ويمكنه مباشرة مهامه فوراً بصفته قاضي التحقيق أو مدعي عام أو عضو محكمة الاستئناف. نحن في هذه المحكمة كان علينا البدء من نقطة الصفر. حيث لم نكن نمتلك شيئاً. كان علينا البحث عن مقر وانتداب الموظفين وكذلك إعداد البنية التحتية القانونية واللوجستية. لم نكن نمتلك اجراءات القانون الجنائي. كان لدينا القانون الأساسي فقط وهو يشبه الدستور. ويجب التذكير بأن القاضي مدعو لاصدار الحكم العادل ولهذا الغرض فهو ملزم بالتقيد بإجراءات صارمة. لذلك كان علينا وضع قانون جنائي خاص بهذه المحكمة. وأعتقد بأننا في غضون العام الأول قد أنجزنا الكثير، حيث وضعنا البنى التحتية اللوجستية والعملية والقانونية وتم انتداب المترجمين والموظفين وقلم المحكمة. كما انتدب المدعي العام عدداً من المحققين. وأعددنا جملة من الوثائق القانونية التي تنظم عملنا. وباختصار فإننا قد أعددنا البنية اللازمة التي من شأنها أن تمكننا من الانتقال إلى مرحلة المحاكمات.
* المحكمة واجهت بعض العوائق خلال عملها من أجل وضع البنيات التحتية البشرية والمادية والقانونية. هل لك أن توضح طبيعتها؟
- طبعاً. كان علينا بذل جهود كبيرة والاهتمام باختيار طواقم العمل والتزام الحذر في انتداب الموظفين، حيث تعد هذه المحكمة الدولية الأولى التي تنظر في قضايا الارهاب التي كانت تعرض تقليداً أمام المحاكم الوطنية. ونحن امام جريمة تختلف تماماً عن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة. لذلك فإن عملية انتداب الموظفين تقتضي الحذر الشديد واختيار الأشخاص الذين يمتلكون تجربة وتخصصاً في القانون الجنائي المتصل بالإرهاب. هذا نوع من الصعوبات التي واجهتنا. كذلك كان علينا البحث عن موارد الموازنة.
* ماذا عن الجانب القانوني وعن طبيعة المحكمة، حيث تعد الأولى في العالم التي تنظر في قضايا الارهاب؟
- كان علينا التفكير في كيفية ملاءمة إجراءات القانون الجنائي مع مقتضيات حاجيات المحكمة الخاصة بالتحقيق ومحاكمة المتهمين في أعمال الإرهاب. لذلك فالمشكلة الأكثر صعوبة تمثلت في ملاءمة القانون الجنائي مع قضايا الارهاب. وقد وضعنا نحو 200 إجراء قانوني. وأعتقد بأننا أنجزنا الكثير وأصبحنا جاهزين تقريباً حيث تتوافر لدينا القوانين المناسبة للتحقيق ومحاكمة أعمال الارهاب. لكن التحقيق في جرائم الإرهاب يختلف عن التحقيقات التي جرت في يوغسلافيا السابقة حيث ارتكبت جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. وهو أمر يختلف تماماً عن الجريمة أو الجرائم التي حدثت في لبنان.
* هل تواجهون صعوبات غير معهودة؟
- نعم. في ما يتعلق بجرائم الحرب، يرتكبها أعوان القوات المسلحة أو الميليشيات ضد المدنيين. وعندما يجري التحقيق في الجرائم فالمحققون يعلمون أن مذبحة ارتكبت ويحاولون تحديد الوحدة العسكرية التي قد تكون ارتكبت الجريمة وسلسة القيادة. لذلك فالمحقق يعلم تقريباً إلى أين يريد الوصول. وفي ما يعني محاكمة الأعمال الارهابية فإن الأمر يتعلق بمنظمات سرية وشبكات ارهابية يتواجد أعضاؤها في الخفاء ويعملون في خلايا غير مكشوفة. لذلك من الصعب العثور بسهولة على الأدلة خاصة أن التحقيقات في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية تعتمد على المصادر الداخلية، حيث يقدم بعض أفراد القوات المسلحة معلومات سرية عن قائدهم على سبيل المثال، وهم يعلمون أن التعاون مع المحققين سيقود إلى تخفيف العقوبات التي قد تصدر في حقهم. وفي ما يعني المحكمة الخاصة بلبنان فإن افراد الشبكة الارهابية لا يتقدمون طوعاً لكشف أسرار الجريمة، حيث سيواجهون آنذاك خطر الاغتيال من قبل منظمتهم. لذلك هناك صعوبات كثيرة تواجه المحققين في جرائم الارهاب وهو ما يزيد من ثقل عبء المسؤولية الملقاة على كاهل المدعي العام. والتحقيقات الجارية الآن ترتبط إلى حد ما بعمل لجنة التحقيق الدولية.
* واحدة من القواعد التي تنطبق على المتهمين تقتضي بعدم اعتقالهم خلال مثولهم أمام المحكمة. هل يساعد هذا الإجراء المحكمة والمحقيين على تأمين المزيد من التعاون من جانب بعض الدول لأنها سترى أن رعاياها ليسوا مهددين بالتسليم أو بالاعتقال؟
- وضعنا هذا الإجراء لأسباب مبدئية حيث نعتقد بأن لا تكون القاعدة الرئيسة هي السجن ونحرص على أن لا يتم اعتقال المتهم لأنه يتمتع بقرينة البراءة إلى حين تثبت تهمته. فلا يمكن اعتقال شخص من دون إدانة ولا يمكن اعتقاله خلال مثوله أمام المحكمة. ونحن لا نعلم بعد نتائج التحقيقات التي يقودها المدعي العام ولكن يمكن من الناحية النظرية توجيه الاتهام إلى مواطن دولة أخرى غير لبنان وفي هذه الحال، نعلم أن دساتير غالبية دول المنطقة إن لم نقل كلها تحظر تسليم رعايا الدولة. وبما أن لا أحد سيسلم رعاياه إذا كانوا ضمن المتهمين فإن هذا الاجراء العملي قد يكون حافزاً بالنسبة للمحكمة من أجل تنظيم المحاكمة من دون أن يكون المتهم معتقلاً هنا في لاهاي. بل يظل المتهم في بلده ويمكنه المثول أمام المحكمة من خلال تعيين محامٍ للدفاع عنه، من ناحية، والرد من ناحية أخرى على اسئلة المحكمة عن طريق المؤتمرات المتلفزة. فهو يظل في بلاده لكنه سيجيب عن أسئلة المحكمة، من حين إلى آخر، عن طريق المؤتمرات المتلفزة. وقد اعدت المحكمة المعدات اللازمة لهذا الغرض. والهدف الرئيس لعمل المحكمة هو اكتشاف الحقيقة وليس بالضرورة اعتقال الأشخاص. وإذا ثبتت الاتهامات بحق متهم فإن الدولة المعنية تتحمل مسؤولية تنفيذ الحكم. نحن حريصون بشكل خاص على تحديد مرتكب الجريمة. ذاك هو هدفنا الرئيس. * هل حصلت إلى حد الآن على وعود من دول المنطقة بالتعاون مع المحكمة؟
- نعم، أجرينا اتصالات مع العديد من الدول في المنطقة وكذلك الدول الغربية التي تحتضن جاليات لبنانية مثل البرازيل، فنزويلا، الولايات المتحدة، كندا استراليا وفرنسا. واقترحنا عليها اتفاقاً للتعاون القضائي والتسليم أو إقامة تعاون غير رسمي. وكان رد هذه الدول بشكل عام تفادي اجراءات التوقيع والمصادقة على الاتفاقات لأنها تتطلب وقتاً طويلاً وترتبط بموافقة البرلمان على الاتفاقيات. وهذا الاجراء قد يستغرق سنتين وربما ثلاث أو أربع سنوات. لذلك فضلنا صيغة التعاون القائم على حالات محددة غير الرسمي لأنها تضمن التعاون في كل حالة، وكانت ردود فعل الدول المعنية ايجابية. وسنتبادل مذكرات لإقامة هذه الصيغة من التعاون مع دول المنطقة.
* السيد الرئيس في مختصر تقريرك تتحدث عن ثقة المحكمة بأنها ستنتقل في غضون عامها الثاني إلى المرحلة القضائية. هل تتوقع صدور قرارات اتهام في مستقبل قريب؟
- لا يسعني توقع أي قرار لأن قرارات الاتهام تقع ضمن صلاحيات المدعي العام. فهو يحدد موعد صدور قرار الاتهام وضد من. واستناداً إلى كلام المدعي العام في العديد من المناسبات عن تفاؤله فإنني آمل في حصول تطور ايجابي قبل شهر ديسمبر.
* أعلم بأنك رئيس المحكمة ولست بالمحقق أو بالمدعي العام. لكن تقريرك إلى مجلس الأمن قد تضمن بعض الفقرات المتصلة بعمل المدعي العام وأشرت على سبيل المثال إلى التقدم الذي تم إحرازه في العديد من المجالات من قبل مكتب الادعاء خاصة تحديد بعض الأفراد الذين قد يكون عملوا نيابة عن شبكات واسعة. هل لك أن توضح ذلك؟
- اريد التوضيح بأن بعض الفقرات الواردة في التقرير السنوي حيث يغطي الأجهزة الأربعة للمحكمة وهي مكتب الادعاء وقلم المحكمة ومكتب الدفاع والغرف. وقد ساهم كل من هذه الأجهزة في تحرير القسم المعني في التقرير. لذلك فإن الفقرات المتعلقة بالتحقيق حررها مكتب الادعاء من أجل تضمينها في التقرير. ولا يسعني أن اجيب عن الأسئلة المتعلقة بعمل المدعي العام ويعود إليه أمر الرد على الأسئلة ذات الصلة. وقد حررت الجزء الأول من التقرير والمقدمة والاستنتاجات والآفاق.
* وإذا تحدث المدعي العام دانيال بيلمار في الفقرات الواردة ضمن تقريرك عن بعض المشتبهين الذين قد يكونوا على صلة أو ينتمون إلى شبكات واسعة. فأنت تثق بكلامه طبعاً؟
- طبعاً، أثق بعمل المدعي العام وأحترم صلاحياته وما يقوله يقع تحت طائلته. وأحترم السيد بلمار وهو رجل عالي المهنية و لا أرى مبرراً للشك في كلامه.
* هل ابلغك هذه الشبكات من اي بلد مثلاً؟
- قطعاً لا، لم يبلغني بذلك وكان محقاً في ذلك. وكل ما يقوم به المدعي العام يجري وفق مبدأ سرية التحقيق ولا يمكن كشف التحقيقات الجارية إلى القضاة أو لأي من أعضاء هذه المحكمة.
* عندما أقيمت المحكمة في لاهاي فقد أعطت انطباعاً واضحاً وبارزاً عن استقلالها. هل تشعر بالارتياح لكونها غير مسيسة؟
- أكدت منذ البداية التزام واجبنا المتمثل في العمل القضائي وفي صفتنا قضاة، نعتقد بأن إرساء العدالة يقتضي الحياد السياسي. وتلك مهمتنا منذ الانطلاق. ونحن سعداء بعملنا من دون أي ضغط أو انحياز سياسي. لا وجود لأي تدخل في عمل المحكمة. وكذلك الشأن بالنسبة للمدعي العام فهو حريص على استقلاله المطلق. وكل تغيير في المنطقة سواء كان سياسيا أو تقاربا بين طرفين لا يؤثر في عملنا.
* المحكمة أعطت هذا الانطباع. لكن المنطقة تتغير واللقاءات جارية بين مختلف الأطراف. سعد الحريري بصفته رئيس وزراء لبنان ذهب إلى سورية حيث التقى الرئيس الأسد، وذلك بعد الاتهامات التي أطلقت في حق سورية من قبل وسائل الاعلام وبعض الزعامات السياسية. ما تأثير هذه اللقاءات في عمل المحكمة؟
قطعاً لا. هذه اللقاءات لا تؤثر في عمل المحكمة. وهي جزء من السياسة المحلية. نحن كلفنا بمهمة البحث عن الحقيقة وإحقاق العدل وسنشق طريق القضاء من دون اي تأثر بما يجري في الخارج أو بأي شكل من أشكال ضغط الأحداث السياسية في المنطقة. وأريد القول إن السلطات في لبنان لا تمارس اي ضغط علينا. ونحن سعداء بالتعاون معها. وعندما زرت بيروت، عقدت اجتماعات مفيدة مع العديد من المسؤولين في الحكومة وكذلك مع رئيس الجمهورية. ولم أستمع إلى اي موقف سياسي. وكنت سعيداً باحترام استقلال المحكمة وأحسست بالثقة الكبيرة التي يضعها المسؤولون على عاتقنا. وقد حرصت خلال تواجدي في بيروت على عدم لقاء كل من رئيس الوزراء ووزير الدفاع وشرحت في رسالة إلى كل منهما بأن عدم الاجتماع اليهما ليس نقصاً في الاحترام الذي أكنّه ولكن بسبب كونهما ضحايا، احدهما نجل الضحية والآخر كان ضحية عملية ارهابية. ونحن القضاة وكذلك المدعي العام يتوجب علينا التزام الحياد.
* ما المراحل المقبلة في عمل المحكمة حتى يفهم المشاهدون المهام المقبلة بعد أن انتهت من وضع البنى التحتية القانونية واللوجستية وتأمين الموارد البشرية والمالية الكافية لتغطية عمل المحكمة؟ ماذا ستفعلون في هذا العام؟
- في غضون العام الثاني، وفي شهر ابريل المقبل ستكون قاعة المحكمة جاهزة حيث أنفقنا الكثير من أجل تجهيزها. وهي مزودة بأحدث المعدات التقنية منها تجهيزات الترجمة والمؤتمرات المتلفزة. وبذلك نحن ننتظر فقط طلب المدعي العام توجيه اي قرار اتهام. والقرار يحال إلى قاضي الإجراءات التمهيدية وإذا أكد الأخير قرار الاتهام فهو سيتوجه إلى الدفاع لطلب رأيه في موعد بدء المحاكمة. وستتولى هيئة الدفاع بحث كل الأدلة والمستندات التي يقدمها الادعاء العام. ونحن حريصون طبعاً على حماية حقوق المتهمين. وبمجرد أن يكون الدفاع جاهزاً ستكون المحكمة جاهزة لانطلاق المحاكمة.
* ولكن أتصور حرصك على تحديد مواعيد غير بعيدة؟
- المواعيد يحددها المدعي العام. لأننا ننتظر نتائج عمله. وربما تعلمون بأننا غيرنا الاجراءات القانونية من أجل تمكين قاضي الإجراءات التمهيدية من بحث الأدلة التي جمعها الادعاء، وذلك قبل صدور قرار الاتهام من أجل إسراع وتيرة الإجراءات القضائية التمهيدية وربح الوقت شهراً أو شهرين ثم إعلان قرار تأكيد الاتهام بشرط أن يكون قاضي الإجراءات التمهيدية حصل على الوثائق اللازمة من جانب المدعي العام. لذلك نقسم الاجراءات من أجل تسهيل وتيرة العمل. وأرجو أن لا تتجاهلوا أن محاكم دولية تطلبت وقتاً طويلاً، حيث بدأت المحكمة الجنائية الدولية أول محاكمة بعد ست سنوات عن بدء نشاطها. نعم، تطلبت المحكمة الجنائية الدولية ست سنوات لإعداد أول محاكمة. نبذل ما في وسعنا ونأمل أن نحقق خطوات سريعة وإجراء المحاكمة. ولكن يجب القول دائما إن المحاكمات الدولية تتطلب وقتاً، حيث تتوجب ترجمة كافة الوثائق إلى لغات عديدة. وتتطلب وقتا طويلا لأسباب تعقيدات القضايا المطروحة في المحاكم الدولية.
* أسأل القاضي الدولي وأستاذ القانون بخبرته الواسعة. هل أنت واثق بأنك ستكشف الحقيقة في شأن قضية اغتيال الحريري؟
- لا يراودني أدنى شك في ذلك. وإلا لما كنت هنا امامك. سنكتشف الحقيقة آجلا أم عاجلا. سنكتشف الحقيقة ولن نكتفي بذلك لأننا نكتشف الحقيقة وفق اجراءات قانون جنائي مناسب يضمن احترام حقوق المتهمين وتقديم أدلة الإدانة. أنا واثق من وصولنا إلى الحقيقة.
* في تلك الحالة ستسجل سابقة ايجابية في منطقة كثيراً ما تظل الحقيقة فيها غائبة في مثل هذه الجرائم؟
- ستكون تجربتنا مفيدة حيث ستكون إسهاما في الثقافة القضائية في لبنان. أعلم أن العملية مكلفة لكننا نريد التحقيق وفق قواعد صحيحة واكتشاف الحقيقة من خلال إجراءات تستجيب لأعلى معايير العدالة. والمحكمة حريصة على قرينة البرائة لأنها قاعدة بالغة الأهمية. وأشدد على ذلك. فأن يمثل متهم أمام المحكمة من دون أن يكون معتقلاً أمراً بالغ الأهمية. ونحن معنيون بتحديد من ارتكب هذه الجريمة البشعة. ومثلما اشرت في السابق فإن الدول تتحمل مسؤولية تنفيذ أمر القضاء.
* هل تشعر بأن حكومات دول المنطقة تدعم عمل المحكمة؟
- لم نصطدم بأية معارضة ولسنا في نزاع مع أية دولة من دول المنطقة. وندعو كل دول المنطقة إلى التعاون مع المحكمة ونعلم بأننا عملنا يرتبط بقدر تعاونها. والدولة الوحيدة الملزمة بمقتضى القانون بالتعاون مع المحكمة هي دولة لبنان. الدول الأخرى ذات سيادة وليست ملزمة. وقد تتعاون معنا إذا رأت أننا نقوم بواجبنا المهني على أحسن ما يرام ولسنا ضالعين في السياسية.
* التحقيقات جارية في شأن جريمة اغتيال الحريري وهناك ضحايا آخرون، بصفتك رئيس المحكمة ماذا يسعك قوله اليوم لعائلات الضحايا منهم عائلة الحريري؟
- يتوجب عليهم أن يثقوا بالمحكمة لأننا، مثلما أسلفت، نحاول القيام بعمل مهني سيمكن الضحايا من الحصول على الإجابة. وأؤكد أننا نعمل بمعايير مهنية عالية. لذلك فهم سيحصلون على حقهم في العدالة عندما سنقدم المتهمين للمحاكمة ونتوصل إلى تحديد هوية من ارتكب الجريمة. لذلك فرسالتي إلى عائلات الضحايا هي رسالة أمل وثقة. وأتمنى أن ننال ثقتهم. ونحاول من جانبنا إثبات مهنية عملنا |