دبي - العربية. نت، القاهرة - عنتر السيد
قال الداعية وعضو هيئة
التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً يوسف الأحمد أن عبارة "هدم
المسجد الحرام" التقطت من حديثه " عنوة"، مؤكداً رفضه القاطع للعناوين
"المستفزة" التي خرجت بها بعض المواقع الإلكترونية إثر إعادة بث لقائه
التلفزيوني من خلال موقع "يوتيوب" واسع الانتشار.
وأثار حديث الأحمد حول هدم المسجد الحرام وإعادة بنائه بشكل دائري "لمنع
الاختلاط"، والتوسعة على المسلمين، ردود فعل واسعة، وتناقلته المنتديات
والماوقعن كما رد عله عدد من العلماء من داخل السعودية وخارجها.
من جهة أخرى، رفض القاضي بالمحكمة الجزائية في الرياض الدكتور عيسى الغيث،
المطالبة بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه، مطالباً بوضع حد لمثل هذه
الآراء، نقلاً عن تقرير لصحيفة "الوطن" السعودية الجمعة 19-3-2010.
من جانب آخر، حذر عدد من علماء الدين المصريين وأساتذة بجامعة الأزهر، في
أحاديث خاصة لـ"العربية.نت" من خطورة الفتاوى التي تمنع الاختلاط في إحداث
فتنة إسلامية كبيرة، واعتبروها إساءة إلى الإسلام الذي حرر المرأة من أيام
الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي أباحه في مسجده، وفي غزواته، فكانت
النساء يطببن الجرحى ويسقين العطشى، كما كن يصلين خلف الرجال في المسجد.
مؤكدين أن الاختلاط في المسجد الحرام جائز في صحيح الدين، لأن الرجل يكون
مع أمه أو شقيقته أو زوجته، وأن الرجل والمرأة ذهبا معاً رافعين أيدي
التضرع إلى الله ليغفر لهما.
وقال الشيخ يوسف الأحمد عقب الضجة المثارة: كل ما طالبت به هو إعادة توسعة المطاف ليستوعب أضعاف العدد الحالي (من المصلين). وحول عبارة "هدم" المسجد الحرام وإعادة بنائه مرة أخرى والتي جاءت في مداخلته، أوضح أن عبارة هدم "التقطت عنوة" ولم أقصد بها المعنى الذي تم تداوله بشكل موسع، "فهل يعقل أن يطالب أحد بهدم المسجد الحرام؟!"، وشبه "المحرفين" لكلامه في هذا الموضوع بمن يقول "لا تصلوا" لأن الله تعالى يقول "ويل للمصلين" ما يفسد المعنى.
وفي ما يتعلق بالنساء قال الأحمد: لا أعتقد أن أحداً يوافق على احتكاك زوجته أو قريبته بالرجال في المطاف، فحفاظاً على حقوق المرأة وإكراماً لها لتأخذ راحتها في العبادة وأداء الصلاة طالبت بتوسعة المطاف وإنشاء مواقع مخصصة لهن.
وأضاف: إن حديثي مبني على دراسة علمية أجريتها بعد نيلي شهادة الدكتوراه، حيث قامت على أهمية توسعة المطاف ومعالجة الاختلاط بين الرجال والنساء بسبب الازدحام، وهو مبني على "قواعد شرعية" لتكوين مشروع مستقبلي متكامل في توسعة المسجد الحرام والاستفادة من الوسائل التقنية والهندسية الحديثة.
وتطرق في حديثه إلى قناة "بداية" الذي بث قبل يومين إلى موضوع الخلوة والاختلاط ومن ثم الحديث عن الاختلاط أثناء الطواف في المسجد الحرام. وقال بما نصه "كيف نفصل؟.. الله أعطانا الوسائل"، ثم أضاف "وش المانع أن يهدم المسجد كاملاً ويبنى من جديد.. ويكون أضعاف أضعاف الموجود حالياً وبدلاً أن يكون دائرياً وضخماً وكبيراً فيكون 10 أو 20 أو 30 دوراً وتكون هناك وسائل تقنية". |
|
قاضٍ سعودي يهاجم الأحمد من جهة أخرى، رفض القاضي بالمحكمة الجزائية في الرياض الدكتور عيسى الغيث، المطالبة بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه، بإعادة تعليم أصحاب تلك الآراء وتربيتهم من جديد وتوعيتهم وتوجيههم.
وأضاف: لم أكن أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد فهذا يعني أننا وصلنا إلى مراحل خطيرة لم يتوقعها أحد ولو من أكثر المتشائمين، ولكن للأسف ثبت هذا بالمقطع الذي رأيته، وعليه يجب أخذ موضوع الغلو والتنطع بكل جدية، ولابد من اتخاذ الخطوات العملية العاجلة لحماية الدين والوطن من هذا الفكر الخطير".
وحذر القاضي من تأثر الشباب بمثل هذه الدعوات غير المسؤولة، وقال: أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ويوفق ولاة الأمر لاتخاذ القرارات الحاسمة ضد هؤلاء قبل استفحال الأمور.
وأشار الغيث إلى أنه سبق وحذر من هذا التوجه ولم يؤخذ تحذيره مأخذ الجد، وأكد أن الدافع لمثل هذه الآراء هو الشبهة والشهوة والهوى والظلمات إذا اجتمعت مع بعض، وقبل ذلك الغلو في الدين. |
من ناحية أخرى، قال د. القصبي زلط عضو مجمع البحوث الإسلامية نائب رئيس
جامعة الأزهر في تصريحه لـ"العربية.نت": إن فتاوى منع الاختلاط لا أساس لها
من الصحة، استناداً إلى أن النساء والرجال كانوا يصلون معاً في المسجد
النبوي، وكان النساء في مؤخرة الصفوف، وهذا أمر متفق عليه عند الفقهاء.
ثم إن الطواف في المسجد الحرام جائز للرجال والنساء معاً، فكيف نخرج على
هذا الإجماع؟ وكيف نفتي بأمر لا دليل عليه شرعاً من القرآن أو السنة؟ بل إن
الذي أقره الرسول "صلى الله عليه وسلم" وصار عليه الصحابة من بعده هو صلاة
الرجال والنساء معاً، ومن المعروف عند الفقهاء أن المرأة موقعها في الصلاة
بعد الرجال.
وأضاف زلط "إن الشخص الذي يفتي بغير علم أو يقول أو يدخل نفسه في أمر لا
علاقة له بالدين ، وإذا أراد أن يتثبت أو أن يتحدث في مثل هذه الأمور فعليه
قبل أن ينادي بهدم المسجد الحرام أو أن يجيز قتل من ينادي بالاختلاط أن
يرجع إلى أهل الذكر أو إلى أهل الاختصاص".
وقال زلط: الاختلاط شيء والعبادة شيء آخر، والاختلاط في الخارج له ضوابط
أخرى بالنسبة للرجل والمرأة، أما المسجد فهو دور عبادة، ويصح أن يختلط
الرجل والمرأة في مكان عام، وكل واحد له مقعد، وكذلك النساء يصلين آخر
المسجد مع الرجال.
وقال الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف للشؤون الدينية
لـ"العربية.نت" إن مسجد الرسول "صلى الله عليه وسلم" كان يجمع بين الرجال
والنساء، وكانوا يدخلون من باب واحد، وعندما حدث تزاحم وكثر عدد المصلين
خصص الرسول "صلى الله عليه وسلم" باباً للنساء وكانت الصفوف الأولى للرجال
ثم النساء، لكن المسجد الحرام له خصوصيته، ولأن الذين يرتادونه يومياً
مليون شخص أو ما يقرب أو اقل، ومن الصعب جداً عزل الرجال وجعل النساء
بمفردهم، لأن الرجل غالباً ما يكون برفقه زوجته أو أمه أو شقيقته، فكيف
نفصل بينهم؟ ومثل هذه الآراء فيها تعسف وعدم وعي وعدم فهم.
أكد د. الأحمدي أبوالنور وزير الأوقاف المصري الأسبق في تصريحه
لـ"العربية.نت" أن ما ذهب إليه بعض الدعاة في منع الاختلاط أخيراً شيء عجيب
ومنكر، ومن أغرب ما نسمع عنه هذه الأيام، ولا يجب أن يمر ما قالوه مرار
الكرام، وأنا أستغرب صدور هذه الفتاوى ومثل هذه الآراء حتى لو كانت بحسن
النية.