بكين - أ ف ب
انتهت
الحرب الباردة، لكن البعض يرون أن قرار "غوغل"، عملاق الإنترنت، في تحدّي
الصين يسجل حقبة جديدة، حيث تقوم شركة ناشطة في العالم الافتراضي بتحدي
دولة.
ويقول الصحافي الفرنسي فرانسيس بيزاني، الذي يعمل في كاليفورنيا ويتابع
تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مدونة "ترانسنتس"، "أشعر بأن
إغلاق واجهة غوغل الصينية (غوغل.سي ان) تؤكد رغبة غوغل في اللعب في ملعب
الكبار".
ويضيف أن "جسامة الأمر تتأتى من واقع أن شركة خاصة من العالم الافتراضي
تتحدى، علانية ومن خلال الأفعال، واحدة من أقوى حكومات العالم الواقعي".
فبعد 30 عاماً من الإصلاحات الاقتصادية، استعادت الصين مكانة متقدمة في المجتمع الدولي بعد أن كان يطلق عليها لقب "رجل آسيا المريض".
لكن الدول الغربية العظمى، التي أدانت قمع حركة تيانانمين الديمقراطية،
ليست بعد قادرة على التعامل مع هذا النموذج الاقتصادي الفريد، حيث يتعايش
اقتصاد السوق والتكنولوجيا الحديثة مع نظريات ماركس وماو وكونفوشيوس.
ولم يكن لدى أي من هذه الدول، حتى الآن، الجرأة على تحدي الصين. وها هي مجموعة غوغل المتعددة الجنسية تفعل ذلك.
وأعلنت غوغل، الاثنين 22-3-2010، أنها ستنهي عملية الرقابة الذاتية التي
كانت تمارسها على واجهتها باللغة الصينية وستحول المتصفحين الى صفحة هونغ
كونغ بعد أن كانت قد أعلنت في كانون الثاني (يناير)، أنها تتعرض لهجمات
معلوماتية بهدف كشف رموزها السرية والاستحواذ على البريد الالكتروني
لناشطين صينيين في مجال حقوق الإنسان.
ويمكن للصين أن تفرض وجهة نظرها كما حصل في قمة كوبنهاغن للتغير المناخي، لكن هذا يجعلها تبدو متعالية.
في هذا السياق، يتخذ قرار غوغل بُعداً فريداً، في حين تزداد حدة التوتر
التجاري بين الغرب الذي يعاني من أزمة والصين التي تواصل تحقيق معدلات نمو
مرتفعة.
ويقول الخبير في الشؤون الصينية اندرو سمال بمركز أبحاث "جرمان مارشال
فاند" الأمريكي إن "غوغل تشبه فأر التجارب". ويضيف أن "الحكومات الغربية
لم تتخذ بعد موقفاً صارماً (إزاء الصين) ولكن هذا هو الاتجاه الذي ستسلكه
السياسات الأمريكية والاوروبية اذا لم تعمل الصين على تخفيف التوترات التي
شهدتها الاشهر الماضية".
وازداد التوتر في ما يتعلق بسعر صرف اليوان والصادرات او الملكية الفكرية
بين الدول الغربية التي عانت الأمرين من الأزمة الاقتصادية والصين التي
نجحت في عام 2009 في عز الأزمة العالمية في تحقيق معدل نمو قريب من 9%.
ويقول بيزاني "لدي حقاً انطباع بأن غوغل تسعى الى تزعم حركة معارضة لبعض
الممارسات التجارية والمالية والسياسية التي تنتهجها الحكومة الصينية (او
تقوم بتوجيهها)".
ولكن تعاظم قوة غوغل يشكل مدعاة للقلق في الوقت نفسه. فالبعض في الغرب
يصفها بأنها تلعب دور "الأخ الأكبر" (بيغ براذر) التجاري ويبدون سروراً
لفشلها في الصين.
ويقول المحلل الأمريكي لوسائل الاعلام، ومؤلف عدة كتب عن الصين فيليب جي.
كاننغهام، على مدونته "من المهم ان تكون هناك سوق قوية واحدة على الاقل في
نظام المعلومات العالمي خالية من منتجات غوغل. كما هو مهم بالنسبة للزراعة
العالمية أن تكون هناك مناطق لا تزرع بالمنتجات المعدلة وراثياً".
ويضيف "كما تسللت المنتجات المعدلة وراثياً الى كل حلقات السلسلة الغذائية
في الولايات المتحدة، تغلغلت غوغل في سلسلة المعلومات العامة والخاصة،
بطريقة تتحدى القواعد التقليدية للحشمة وقد أصبح من الصعب للغاية التخلص
منها".